بحثاً عن زيلينسكي اللبناني …

نبيه البرجي

اذا وقع الزلزال في لبنان، لا تتوقعوا أن يتبدل المشهد. من هم تحت الأنقاض باقون تحت الأنقاض، ومن هم فوق الأنقاض باقون فوق الأنقاض. من تراها تحمي هؤلاء… يد الله أم يد الشيطان؟

في اعتقادنا ان الله الذي ضاق ذرعاً بنا أوكل الى الشيطان ادارة البشرية. لكن معلومات العالم الآخر، وهي معلومات موثوقة (على طريقة الفقهاء)، تقول ان الشيطان اعتزل”العمل العام” لأنه لا يستطيع أن يفعل بالبشر ما يفعله البشر بالبشر …

جوزيه ساراماغو، صاحب “الانجيل يرويه المسيح”، والذي يقرأه وليد جنبلاط كتبه بشغف، قال قبل غروب القرن الفائت “ان أميركا انتزعت صلاحيات الله، وصلاحيات الشيطان”، على السواء. من يعترض…؟
يد أميركا، وقد باتت اليد المقدسة، تظلل الساسة في لبنان. طوم حرب الذي يجتذب بعض الشاشات عندنا، يؤكد على الحاجة الى هذه اليد للوصول الى حل جراحي للأزمة بانشاء غيتوات طائفية.
كانت لي مناظرة تلفزيونية معه. لم اشهد قط سياسياً بهذه الضحالة وبهذه التفاهة. كمديرلـ “التحالف الأميركي ـ الشرق أوسطي للديموقراطية”، فهمه للديموقراطية، وهو يدافع عن التوتاليتاريات الأميركية في المنطقة، أقرب ما يكون الى فهم الدجاجة لنظريات ألبرت اينشتاين.
من هم، من ساستنا الأجلاّء خارج الملكوت الأميركي. كل خفاياهم وكل موبقاتهم (التي تقشعر لها الأبدان)، على طاولة بربارة ليف في وزارة الخارجية، أو على طاولة براين نيلسون في وزارة الخزانة!
أما لماذا ترعى واشنطن هذا الطراز من الساسة، بتكشيرة هولاكو (رحمة بعلي بابا)، فلكي يكونوا الدمى بين يديها. من أطرف ما سمعناه من ديبلوماسي عربي، بالضحكة العابرة للقارات، “أن المشكلة عندكم أن دوروثي شيا ـ وهي خبيرة أمنية مميزة ـ لم تتمكن من العثورعلى رئيس للجمهورية بمواصفات فولوديمير زيلينسكي”.
لا نقص في الدمى السياسية (وما أكثرهم!). وانما لأن أحداً منهم لم يتعهد بأن يشن، فور وصوله الى القصر، حملة بونابرتية عل الضاحية الجنوبية بعدما قال مستشار حزبي انها بحاجة الى “أم القنابل” (جي بي يو ـ 43 بي)، أي القنبلة ما قبل النووية التي تم اختبارها في أحد أودية ولاية “ننغرهار” الأفغانية، وأحدثت ما يشبه الزلزال…

حضرة المستشار فاخر، أثناء حلقة من العاملين في احدى الصحف، بمصارحته ديبلوماسياً أميركياً بأن هناك من هو مستعد لاجتثاث حزب الله، ولكن بمؤازرة من قوات “المارينز”، وبتغطية من القاذفات “بي ـ 52”. لا بد أن تعليق الديبلوماسي الأميركي كان “يا له من أحمق”!
رئيس للجمهورية أم رئيس للمقبرة؟ لا فارق الآن بين الجمهورية والمقبرة. الديبلوماسي اياه يؤكد أن ما يبحث في بعض الزوايا الدولية والاقليمية ليس فقط تصفية الدولة اللبنانية، ولم يعد أمامها سوى أن توارى الثرى.
هذا ما توقّعه الجنرال الانكليزي ادوارد سبيرز، الذي يقول بعض المؤرخين انه كان وراء السيناريو ـ المؤامرة مع كل من بشارة الخوري ورياض الصلح للحصول على الاستقلال والحد من الوجود الفرنسي في المنطقة.
المسألة هي في تصفية الشعب اللبناني الذي كان أمام خيارين: اما هونغ كونغ أو موناكو، لكن البعض، وبحسب ما ينقل الديبلوماسي، جرّه ليكون “قوة الصدم” الوحيدة في الشرق الأوسط، ليس فقط ضد “اسرائيل”، بل وضد أميركا التي “آن الأوان لتعلموا ما هي أميركا”. المقصود الجمهورية ـ القهرمانة، ما ينتظره سدنة الهيكل…
لا رهان على التغيير. لعل تمام سلام يضحك بمرارة… “الى أن تصل السلحفاة الى القمر”. نواب “التغيير” تحولوا، لحظة أن حطوا في ساحة النجمة، الى ظاهرة فولكلورية، وتحاول بأي شكل من الأشكال، استقطاب الكاميرات. زعيم حزبي يسخر من الظاهرة “كما لو أنهم وجوه البربارة. “فقاعات دونكيشوتية…
عادة نستخلص ما يتسرب من الدوائر الفرنسية “الأميركيون حيّرونا”. في اللقاء الأخير قالوا لنا “ابحثوا الأمر مع السعوديين. من يحاول الدخول الى شخصية الأمير محمد بن سلمان كمن يحاول الدخول الى احدى الشخصيات الشكسبيرية. يبتسم لك، ولكن لا تدري ما معنى الابتسامة. أهي السيف أم الوردة”….

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …