خطف الشيخ الرفاعي وقتله لاسباب عائلية من ضمن مسلسل الفتن الذي يُطوّق التصويب على الامن العام ومديره واتهامه بالعملية يوجب تحرك القضاء لانه اعتداء على الامن الوطني

كمال ذبيان

شكلت جريمة خطف وقتل الشيخ احمد الرفاعي، صدمة للبنانيين ولمن يتابع الوضع السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي في لبنان، الذي يجري تحذيره وتهديده بالفوضى الامنية، التي قد تصل الى احداث فتنة داخلية، تأخذ طابع الصراع المذهبي السني – الشيعي، حيث يُعمل على اذكائه منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل 18 سنة، حيث شهد اللبنانيون اقتتالاً تحت هذا العنوان في مناطق عدة، كان ابرزها في طرابلس بين باب التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن الذي تسكنه اكثرية علوية، فحصلت بين المنطقتين نحو عشرين جولة من القتال، تزامنت مع بدء الاحداث في سوريا، في اذار 2011، وترافقت مع تشكيل الرئيس نجيب ميقاتي الحكومة التي وُصفت بانها حكومة “حزب الله”، والتي اتت بعد استقالة 11 وزيراً من حكومة الرئيس سعد الحريري في مطلع عام 2011، واثناء لقائه الرئيس الاميركي الاسبق باراك اوباما، حيث شكلت استقالة وزراء “أمل” و “حزب الله” و “التيار الوطني الحرّ” مفاجأة للحريري، الذي ترك لبنان لمدة خمس سنوات، ويعود اليه ليعقد “تسوية” مع العماد ميشال عون وتياره السياسي اوصلت عون الى رئاسة الجمهورية في 31 تشرين الاول 2016.

فمنذ اغتيال الحريري الاب في 14 شباط 2005، ولبنان واقع على “فالق الفتنة”، كما هو امام حرب داخلية، قد تشتعل في اي وقت، وفق ظروف ومصالح من سيوقد نارها على المستوى الداخلي والخارجي، الا انه كان يجري تطويقها بتفاهمات او تسويات، فقام “التحالف الرباعي” بين حركة “امل” و “حزب الله” من جهة والحزب التقدمي الاشتراكي و “تيار المستقبل”، وخاضوا الانتخابات النيابية الاولى معا بعد الانسحاب السوري في 26 نيسان 2005، وتمت في ايار من العام نفسه، وبرغبة اميركية، وتنفيذا لمشروع “الشرق الاوسط الكبير” للرئيس الاميركي جورج بوش الابن، لتعميم “الديمقراطية” عبر ثورات ملونة، كان لبنان جزءاً منه عبر “ثورة الارز”.

من هنا، كان يجري تطويق محاولات ايقاظ الفتنة، بعد العدوان الاسرائيلي صيف 2006، ثم في 2007 مع انشاء المحكمة الدولية في مقتل رفيق الحريري، وفي 7 ايار 2008، حيث قام “حزب الله” بعملية عسكرية – امنية في بيروت ومناطق اخرى، لحماية سلاحه لا سيما شبكة الاتصالات، ونتج عن ذلك “اتفاق الدوحة” الذي اعاد التوازن الى السلطة باعطاء الثلث “الضامن” لقوى 8 آذار، في الحكومة، وتم انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.

فلبنان، هو على فوهة بركان سياسي وطائفي ومذهبي، وينجو دائما من انفجاره، منذ حصول ما سُمي “ثورة” 17 تشرين الاول 2019، وبعد حوالى العام الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، ثم احداث الطيونة، التي ذكرت اللبنانيين بحادثة باص عين الرمانة في 13 نيسان 1975، التي اشعلت الحرب الاهلية.

لذلك، فان الاحداث التي يعيشها لبنان، تنذر بان الانفجار الكبير سيقع، كما حصل في عرسال ودخول الارهابيين اليها، كما الى طرابلس في العام 2014، وما رافق ذلك من عمليات تفجير لسيارات وما حصل من معارك في عرسال والسيطرة عليها من الارهابيين الذين قتلوا وخطفوا ضباطا وعناصر من الجيش وقوى الامن الداخلي، حيث انهى الجيش والمقاومة البؤرة الارهابية في آب 2017، ليعرف لبنان الاستقرار، اذ ساند فريق لبناني من اعتبروهم “ثوارا”، ضد النظام السوري، وغطوا النزوح السوري، ووصفت اطراف لبنانية، النازحين السوريين بانهم “جيش احتياط” لقوى “السيادة والاستقلال”، كما نظر بعض من “اهل السنة”، بانهم “جيش المسلمين”، وهو كلام خطير يقول مصدر امني، المطلع على تقارير امنية تحذر من الوجود السوري الذي بلغ حوالى اكثر من مليوني نازح، يُفرز منهم حوالى 150 الف مقاتل.

وما حدث من خطف لاحد ابناء بلدة القرقف الشيخ الرفاعي، كاد ان يتحول الى فتنة، لولا مسارعة القوى الامنية الى كشف الفاعلين، انطلاقا من خلافات بين المخطوف ورئيس بلدية القرقف يحيى الرفاعي، الذي اوقف للتحقيق مع نجله علي واقارب لهما، حيث تعود الخلافات الى سنوات، والقوى الامنية على علم بها، وكذلك القضاء وهذا ما سهّل كشف الجريمة والعثور على جثة الشيخ المخطوف، الذي سبق له وحذر من اعمال رئيس البلدية، واستغلال لنفوذه في الاستيلاء على اراض عامة وبيعها.

ونجحت شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي بكشف الجريمة. وهي منذ وقوعها، تحركت نحو العائلة الواحدة، التي تعيش خلافات وتهديدات وهي معروفة من اهالي بلدة القرقف والبلدات المجاورة، الا ان الخطير في ما حصل، هو ظهور شخصيات منهم النائب السابق خالد الضاهر، والعميد السابق في قوى الامن الداخلي عميد حمود، بتوجيه الاتهام مباشرة الى “القوة الضاربة” في الامن العام منذ حصول الاختطاف، حيث جزما بان الامن العام يعمل لصالح “الحرس الثوري الايراني”، وهو “ذراع عسكرية لحزب الله”، وتبعهما من تبنى حملتهما بالصوت والصورة وبتصاريح موثوقة، واقناع عائلة الشيخ المخطوف، بان ابنهم موجود لدى الامن العام، وهو ما اعلنه والد الشيخ الرفاعي، من خلال عملية تضليل بالرغم من ان الامن العام اصدر بيانا نفى علمه بما حصل، لا بل كلف مديره العام اللواء عباس ابراهيم فريقا في المديرية للكشف عن مصير المخطوف، الذي ظهر بعد حوالى اسبوع بانه خطف من اقاربه، ولاسباب عائلية وشخصية، حيث اعترف الموقوفون بما اقدموا عليه، فبانت الحقيقة ونجا لبنان من فتنة مذهبية، لان المخطوف رجل دين سني. والجهة التي وجه الاتهام اليها الضاهر وحمود وغيرهما، هو “حزب الله” الشيعي، حيث ارفقا اتهامهما، بدعوة “اهل السنة” لحمل السلاح والدفاع عن انفسهم.

ان مثل هذه القضية لا يسكت عنها القانون، وتقع على القضاء والاجهزة الامنية، مسؤولية التحرك يقول المصدر، الذي يضع المسألة امام دار الفتوى، كما مفتي المناطق، وكذلك عند السلطة السياسية، بان يتحرك وزير العدل، القضاء عبر النيابة العامة التمييزية لوضع يدها على ما رافق الجريمة من تحريض مباشر عبر شخصيات دينية وسياسية وحزبية واعلامية وغيره، لان ما حصل يمس الامن الوطني والسلم الاهلي والمجتمع وكاد ان يُدخل لبنان بحرب اهلية، التي يجري التعبئة لها من قوى طائفية ومذهبية ومشاريع خارجية.

وان استهداف الامن العام كجهاز، والتصويب على مديره العام اللواء ابراهيم، ليس بريئا في وقت يجري التداول بالتمديد له، بعد ان نجح في المهام التي كلف بها وعلى كل الاصعدة الامنية كما الديبلوماسية والسياسية، وساهم بمنع الفتنة، فهو انقذ مخطوفين من اعزاز، الى راهبات دير صيدنايا، الى رهائن اجانب، فكان الامن العام عابرا للطوائف والمذاهب والمناطق، ودرعا كما اجهزة امنية اخرى ومخابرات الجيش في حماية السلم الاهلي والحفاظ على وحدة المؤسسات، وتوليه ملف النازحين السوريين وبنجاحه فيه.

شاهد أيضاً

متحف البوفيسور أسعد رنو ملتقى الطلاب والفنانين

دعت عائلة البروفيسور الفنان أسعد رنو إلى يوم فني ثقافي بعنوان مسيرة الموهبة والإبداع لمناسبة …