معادلات بسيطة لأزمة معقدة يكتبها الكاتب والإعلامي د. يحيى حرب

١- الوزير باسيل يطالب حزب الله باستخدام جزء من فائض قوته ضد رياض سلامة وآخرين في الداخل!
فماذا يعني هذا؟

يعني ان الحزب لا يستخدم فائض قوته في الداخل اللبناني.

وماذا يعني هذا؟
يعني ان من يتهمون الحزب بالسيطرة على لبنان والمسؤولية عما آلت اليه الحال، كاذبون او جاهلون.

 

2- الوزير باسيل يضع حزب الله بين خيارين: استخدام قوته في الداخل لحسم الازمة بحسب رؤية التيار الوطني، وهو يعرف مكانة التيار ومؤسسه فخامة الرئيس العماد عند سيد المقاومة، او انهاء التحالف واعلان سقوط ورقة التفاهم، وكشف الحزب مسيحيا!!
ومع ذلك يصر حزب الله على رفض استخدام المقاومة لتغيير المعادلات الداخلية.. متحملا ألم الخسارة بفقدان الحليف!
وهذا يعني ان الحزب لا يفعل ذلك وان من يتهمه بأنه حزب السلاح كاذب او اداة لاستراتيجية اجنبية.

3- الوزير باسيل وكثيرون من البيئة الحاضنة يرغبون باستخدام فائض القوة لدى حزب الله لمواجهة ما يعتبرونه خطرا وعدوانا ومؤامرة لتجويعهم واذلالهم.. ويطالبون حزب الله بتغيير المعادلات الداخلية بالقوة.
وهذا يعني ان حزب الله لا يفعل ذلك..
وبالتالي فالذين يخوفون اللبنانيين من سلاح المقاومة يكذبون او ينفذون استراتيجية اجنبية.. ويزورون الحقائق!

4- هذه بعض الوقائع والحقائق التي لا خلاف عليها. ولكن ما هي الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من هذه المقدمات؟
-حزب الله يملك القوة ولا يستخدمها في الداخل.
-حزب الله يتألم مع جمهوره وحلفائه ويدرك المخاطر.. لكنه يرفض الذهاب الى استخدام قوته في الداخل.
-حزب الله لا يهدد.. ولا يسيطر على مقدرات الدولة.. ولا يتحكم بآليات عملها.

5- وهذه تجربة غير مسبوقة في تاريخ النزاعات: حزب مسلح يُعتدى عليه وعلى بيئته، ويُحاصر شعبه ووطنه، وتُفكك دولته وتُعطل مؤسساتها، ولا يخرج على الناس شاهرا سيفه!
فماذا يعني هذا؟
يعني ان حزب الله صادق في تحديد وجهة بندقيته.
وان المقاومة هي لتحرير لبنان وحماية ارضه وشعبه وثرواته.
وانه الاحرص على السيادة. والمؤتمن على الشرعية.

6- وهذا يعني ايضا:
ان الارض ما كانت لتتحرر لولا سلاح المقاومة.
وان السيادة ما كانت لتصان لولا سلاح المقاومة.
وان الامن من العدوان الخارجي هو بفضل سلاح المقاومة.
وان الحفاظ على الثروة الوطنية والكرامة رهن بسلاح المقاومة.
وان الشرعية يحميها سلاح المقاومة.

7- وهذا يعني ايضا وايضا:
ان التصويب على حزب الله وتحميله مسؤولية العجز في اداء السلطة وفساد اجهزتها افتراء.. ومحض كذب وتزوير.
والقياس على قوة حزب الله في مقارعة اعداء الوطن قياس غير صحيح. فالحزب القوي صانع المعادلات التاريخية في مواجهة اعداء الوطن والامة، لا يخلط بين الصراعات، ولا يضيع البوصلة في الازمات. فالعدو الخارجي لا يفهم الا لغة القوة. والخصم الداخلي لا بديل عن الحوار في التعامل معه.

8- وهذا يعني ان حزب الله يدرك فقه الاولويات، في السياسة والحروب. ولهذا يظهر الاختلاف بينه وبين اقرب حلفائه: في التشخيص وفي اسلوب المواجهة. وهو يعرف كيف يتنازل عن المكاسب الهامشية مقابل التمسك بالقيم المبدئية. وكيف يميز بين العدو المتربص والمستفيد والمتآمر، وبين الادوات الغبية والمتوهمة والباحثة عن المكاسب الرخيصة. كان ذلك منذ ان اعرض عن محاسبة العملاء المجرمين حفاظا على الوحدة الوطنية. وهي مهمة من اصعب المهمات.

9- ولكن لماذا نقول ذلك اليوم؟
لان حزب الله حريص على رسم مسافة بين العدو الخارجي وادواته المحلية.. ولكن بعض هذه الادوات تصر على التماهي مع مؤامرات الخارج مئة في المئة!
ولان الخارج الاميركي والصهيوني بدأ يَفْجُرُ في العداء والعدوان، مستخدما سياسة الارض المحروقة، بشرا وحجرا وكيانا.
ولان العدوان تجاوز الخطوط الحمراء باستهداف المدنيين الابرياء عمدا وقصدا.. وحصرا.

10- وهذا يعني:
ان هناك فرصة لتغير الاولويات بتغير اهداف المؤامرة. وان يرى حزب الله بعين البصيرة ان العدو العاجز عن النيل من المقاومة قد تحول الى الخاصرة اللينة، واستمرأ ارتكاب المجازر وخنق الشعب وتجويعه وتيئيسه، لتعويض عجزه وفشله وارباك المقاومة واحراجها.
والمقاومة متيقنة ان كل ما يجري ماليا واقتصاديا وسياسيا هو بفعل فاعل.. والفاعل معلوم لا شبهة في ذلك.

11 – في نيسان 1996 واثر عدوان عناقيد الغضبب واجهت المقاومة الالة العسكرية الصهيونية بشرف في الميدان. ولكنها اضطرت الى الرد بالمثل على توسيع دائرة الصراع، وفرضت على العدو الاميركي والصهيوني ما عرف بتفاهم نيسان لإنهاء الهجمات عبر الحدود على أهداف مدنية، والامتناع عن استهداف القرى اللبنانية من قبل جيش الاحتلال للضغط على حاضنة المقاومة.
والمقاومة اليوم اكثر قدرة على فرض المعادلات التي تلجم العدوان.

12 – وهذا يعني:
ان السيف اذا خرج من غمده لن يعود قبل وأد العدوان.
وان حزب الله لا يتأثر بالحرب النفسية ولا الحرب الناعمة. وهو الحريص على كل صديق وحليف. ولكنه لا يغلب الرغبات على القناعات. وهو سيواجه رأس الافعى لا ذيولها.
وسيحمي الوطن والشعب ولا يسعى للغلبة على ابناء بلده، ولا يسمح بالاستقواء بسلاحه في لعبة التوازنات السياسية الداخلية.
فالمقاومة هي الشرعية والسيادة والوحدة الوطنية ولن تكون الا كذلك.

13
بسم الله الرحمن الرحيم:

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ..
الا ان نصر الله قريب ..

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …