*روسيا تزعزع حلف الناتو و مركز ثقل العالم ينتقل شرقاً،

محمد صادق الحسيني

وزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبرشت تعلن استقالتها من منصبها..
هذا الخبر الاول الآن  في اوروبا رغم محاولات الاطلسيين، المرور عليه مرور الكرام.
أو حتى محاولة طمس اهميته وتداعياته على تصدع، ليس فقط الطبقة السياسية الحاكمة في برلين بل وايضاً تلك الحاكمة في عواصم اوروبية اخرى.

وحتى نعرف حجم المشكلة التي تعيشها اوروبا في ظل صراع بين الميول “الوطنية” الاوروبية والنفوذ الامريكي الطاغي على السياسات الاوروبية لابد من معرفة سبب  هذه الاستقالة
ان وزيرة الحرب الالمانية (الامريكية الهوى) تقدم استقالتها، احتجاجاً على منع المستشار الالماني لها من تقديم دبابات ليوبارد للنازيين الاوكران…
كما هي تعليمات الامريكان والاطلسيين للطبقة السياسية الحاكمة في برلين..
والمستشار لم يوافق ليس شجاعة منه وإنما وقوعه تحت ضغط حزب المعارضة الديمقراطي الاشتراكي المسيحي القوي، الذي يضغط مع قوى اجتماعية وازنة اخرى بإتجاه وقف الحرب في اوكرانيا وتالياً وقف العقوبات على روسيا…
وكل ذلك من اجل إنقاذ ما تبقى من اقتصاد وصناعة المانية …
هذا الامر ينطبق ليس فقط على المانيا، بل هو عام وشامل على كل الساحة الاوروبية، حيث يشتد الصراع الداخلي بين ذيول امريكا وبقايا وطنية او قومية اوروبية…
واذا كان هذا في السياسة، فدعونا نقرأ ماذا في الاقتصاد حتى نعرف مستوى الكارثة التي تمر فيها اوروبا، بعيداً عن الاضواء..

فقد نشر موقع ذي ناشيونال انتريست / The National Interest / الاميركي ، تقريراً ،بتاريخ ١٥/١/٢٠٢٣ ، حول هجرة المصانع الالمانية إلى الصين ، بسبب ارتفاع اسعار الطاقه في الدول الاوروبية .
اهم ما جاء في التقرير ما يلي:

١) قررت شركة BASF الالمانية العملاقة نقل انتاجها من المانيا إلى الصين ، وذلك بسبب ارتفاع اسعار الطاقه بشكل كبير جدًا في الدول الاوروبية .
علماً ان الشركة المذكورة هي شركة صناعات كيماوية وكانت تعتمد بنسبة ١٠٠٪؜ على الغاز الروسي الرخيص لتغذية مصانعها العملاقة، التي يعمل فيها خمسين الف عامل. وهي اكبر شركة صناعات كيماوية في اوروبا، وقد استهلكت سنة ٢٠٢١ ما حجمه اربعة في المائه ( ٤٪؜ ) من مجموع استهلالك الغاز في عموم المانيا .

٢) وعليه فان هذه الشركة الالمانية تقوم حالياً ببناء مصنع ضخم لها، في مدينة: غوانغ دونغ / Guangdong الصينيه ، وهو المصنع الذي سيكلف انشاؤه *عشرة مليارات دولار *.

٣) ويتابع التقرير ان شركة BASF الالمانية ليست الشركة الوحيدة ، التي بدأت بنقل مصانعها إلى الصين، وإنما هناك تسعة في المائه (٩٪؜ ) من الشركات الصغيره والمتوسطه في المانيا قد قررت نقل مصانعها إلى الصين ايضاً .

٤) ان زيارة المستشار الالماني، في شهر١١/٢٠٢٢ ، إلى  الصين قد مهدت الطريق لهجرة الصناعات الالمانية إلى ذلك البلد الآسيوي، وذلك إلى جانب نجاحه في اقناع المسؤولين الصينيين، بتنفيذ صفقة تجارية مع شركة ايرباص الاوروبية العملاقة (منافسة شركة بوينغ الأميركية) لصناعة الطائرات، بشراء مائه واربعين طائرة تجارية من شركة ايرباص ، لصالح الشركات الصينية.
علماً ان شركة ايرباص تملك مصنعاً في الصين، ينتج مجموعة طائرات من فئة: ايرباص ٣٢٠، وهو يعمل منذ عدة سنوات هناك .

٥) ان شركة BASF ليست الوحيدة، التي تعامل باهتمام شديد مع الاسواق الصينية، وإنما هناك عملاق السيارات الالماني، شركة فولكسفاجن، التي سجلت اربعين في المائة ( ٤٠٪؜ ) من ارباحها سنة ٢٠٢١، في الاسواق الصينيه . لذلك فهي ايضاً تخطط لنقل المزيد من خطوط انتاجها، من المانيا إلى  الصين ، بسبب ارتفاع اسعار الطاقه اللازمة لتشغيل مصانعها في المانيا .
من يقرأ هذا التقرير ، يتبين له بكل وضوح مدى حجم الكارثة الاقتصادية التي يتركها القرار الاحمق الامريكي- الاطلسي على الاقتصاد الوطني للاقطار الاوروبية ما يجعلها تستنجد بالسوق الصينية، طبعا وتالياً العودة إلى دورة إقتصاديات الشرق الصاعد والواعد بقيادة الصين الشعبية، الحليف الاستراتيجي لروسيا الاتحادية…
فماذا تكون نتيجة كل هذا، عملياً غير:

وكأنك ما غزيت با ابو زيد..
واضعاف اوروبا
والاهم المزيد من الدفع باتجاه تفعيل السنن الكونية التي تفعل فعلها اليوم بقوة :
انتقال مركز ثقل العالم من الغرب إلى  الشرق

*بعدنا طيبين قولوا الله*

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …