البلطجة الأمريكية في محاولة تحطيم الصين تكنولوجياً

نعمت الحمد

تعتبر “الولايات المتحدة الأمريكية” القوة العظمى المهيمنة على العالم. ومصدر هيمنتها يعود الى أمرين أساسيين:
1. هيمنة عسكرية
2. هيمنة اقتصادية
إن إحدى أدوات الهيمنتين العسكرية والاقتصادية لـ “الولايات المتحدة الأمريكية” تتحقق من خلال التفوق التكنولوجي، وبالتالي فهي لا يمكن أن تتسامح مع أي محاولة لتهديد هذا التفوق من الحلفاء فكيف بالتالي مع الخصوم والأعداء؟
في 12 تشرين الأول 2022 نشرت الولايات المتحدة نسختها الأحدث من استراتيجيتها للأمن القومي National Security Strategy بعد توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن عليها والتي يصف فيها جمهورية الصين الشعبية بأنها التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية بالنسبة لـ”الولايات المتحدة الأمريكية”، ويعتبر أن لديها النية والقدرة المتزايدة على إعادة تشكيل النظام الدولي لصالحها؛ ففي السنوات الأخيرة كانت الطموحات التكنولوجية للصين تؤرق المفكرين الاستراتيجيين في “الولايات المتحدة الأمريكية” وذلك بسبب خوفهم من وصول بكين لمرحلة الهيمنة التي كانوا يرون أن تحقيقها سيكون مسألة وقت ليس أكثر.
بناءً على ما تقدم قررت “الولايات المتحدة الأمريكية” التخلص من هذا التهديد من خلال شن عملية اغتيال واضحة للقدرات التكنولوجية الصينية. وقد تم الإعلان عن تفاصيل هذه العملية في بداية تشرين الأول 2022. وعلّق العضو المنتدب لبنك الاستثمار الصيني China Renaissance لفايننشال تايمز عليها بأن هذه الإجراءات سوف تعيد الشركات الصينية للعصر الحجري.
سنستعرض تفاصيل الخطة الأمريكية وكيف ستجبر “الولايات المتحدة الأمريكية” الأمريكيين وغير الأمريكيين على الالتزام بالإجراءات التي فرضتها أو ستفرضها على الصين.
في 7 تشرين الأول 2022 أصدر مكتب الصناعة والأمن BIS التابع لوزارة التجارة الأمريكية مجموعة من اللوائح التي تهدف لتقييد قدرة الصين على شراء وتصنيع الرقائق الإلكترونية المتقدمة. وبالتالي الهدف من هذه اللوائح كان منع الصين من شراء رقائق إلكترونية متطورة والتي تدخل في كافة مجالات التصنيع من العسكري حتى المدني، وفي نفس الوقت منعها من تصنيعها.
إن قدرة الأمريكيين على تحقيق هذا المنع في قطاع ضخم وعالمي كقطاع أشباه الموصلات(1) يعود الى كونهم يتحكمون بالأجزاء الأكثر حساسية وأهمية في سلسلة التوريد الخاصة بأشباه الموصلات والتي يصطلح على تسميتها نقاط الاختناق (2) (Chokepoints).
يوجد في صناعة أشباه الموصلات أربع نقاط اختناق أساسية والضغط على أي نقطة منها يعرقل سلسلة التوريد بكاملها، وبالتالي فإن “الولايات المتحدة الأمريكية” هدفت من خلال اللوائح التي فرضتها ضد الصين في 7 تشرين الأول 2022 والتي دخلت حيز التنفيذ في 21 تشرين الأول 2022، الى استغلال سيطرتها على نقاط الاختناق وعملت على إغلاق أي ثغرة للالتفاف على اللوائح المفروضة والتي هدفها الأساسي محاولة قتل صناعة الذكاء الاصطناعي الصينية عبر منع الصين من الوصول الى الرقائق الإلكترونية المتطورة والتي يتم استخدامها في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وهذا المجال سيحدد في المستقبل ميزان القوة العسكرية والاقتصادية بحيث إن من يتفوق فيه سيتفوق عسكرياً واقتصادياً.

شاهد أيضاً

توماس فريدمان: هذا هو السؤال الذي ينبغي لبايدن أن يطرحه على نفسهI’m

أسدى الكاتب والمحلل السياسي الأميركي الشهير، توماس فريدمان، النصح لصديقه الرئيس جو بايدن، بأن ينسحب …