هل يشهد العام الجديد قصفًا إسرائيليًّا لمطاريّ دِمشق وبيروت بحُجّة نقْل أسلحة إيرانيّة لحزب الله وسورية؟

ولماذا جاءت التسريبات حول هذا الخِيار من روسيا؟ وكيف سيكون ردّ محور المُقاومة وهل يكتفي بالصّمت أم سيرد مُباشرةً أو عبْر أذرعه العسكريّة؟

عبد الباري عطوان

بعد مُرور أقل من عشرة أيّام تقريبًا على تهديداتٍ إسرائيليّةٍ بقصف مطار بيروت بذريعة استِخدامه من قبل إحدى شركات الطّيران المدنيّة الإيرانيّة لنقل شُحنات أسلحة إيرانيّة مُتطوّرة لكُل من سورية وحزب الله، ها هي صحيفة “نيزافيسيمايا” الروسيّة تؤكّد أن السّلطات الإسرائيليّة تعتزم منْع الحركة الجويّة المدنيّة بين سورية وإيران، وتَدرُس العديد من الخِيارات في هذا الصّدد من أجل منع هذه الحركة كُلّيًّا، ومن أبرزها توجيه ضربات جويّة تدميريّة لتعطيل جميع المطارات السوريّة المدنيّة، وعلى رأسها مطار دمشق الدّولي.

وزير الحرب الإسرائيلي بيتي غانتس اعترف قبل بضعة أيّام بقصف قوافل نقل أسلحة إيرانيّة إلى سورية من بينها مُسيّرات وصواريخ قُرب الحُدود السوريّة العِراقيّة، مُوَجِّهًا رسالةً إلى إيران بأنّ النّقل البرّي للمعدّات العسكريّة سواءً إلى سورية و”حزب الله” سيكون هدفًا لضربات الطّيران الإسرائيلي.

هذه التّهديدات الإسرائيليّة التي تعكس حالةً من القلق والارتباك يجب أخذها بجديّة من قبل محور المُقاومة، ومن إيران وسورية و”حزب الله” على وجه الخُصوص، لأن القصف الجوّي الإسرائيلي للمطارات السوريّة، وخاصَّةً مطار دِمشق الدولي، والشعيرات في حمص، مُستمر، ولا نستبعد أن تتضاعف كثافته في الأيّام والأسابيع القادمة على ضُوء هذه التّهديدات.

الأمْر المُؤكّد، ونقول ذلك من واقع الرّصد والمُتابعة، أن إقدام الطّائرات الإسرائيليّة على قصف مطار بيروت أو دِمشق أو التعرّض لطائراتٍ مدنيّة إيرانيّة وسُوريّة ولُبنانيّة بذريعة نقل أسلحة لا يُمكن أن يمر دون رد، فسورية وإيران ومعهما حزب الله يُمكن أن يمتصّا ضربات جويّة محدودة، ولكن عندما تصل الأمور إلى استِهداف المطارات، ومنْع الحركة الجويّة فإنّ هذا خَطٌّ أحمر، وتصعيدٌ استفزازيّ، لا يُمكن ولا يجب السّكوت عنه.

فإذا كانت صواريخ حركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس” قد أغلقت المطارين الوحيدين في دولة الاحتِلال (مطار اللّد ومطار رامون في النقب) وعزلت “إسرائيل” عن العالم لـ11 يومًا أثناء معركة “سيف القدس” في أيّار (مايو) عام 2021 تصدّيًا لاقتِحامات المسجد الأقصى، فإن إيران التي تملك آلاف المُسَيّرات المُتطوّرة غيّرت موازين الحرب في أوكرانيا لصالح روسيا، والشّيء نفسه يُقال عن “حزب لله”، بل وحركتيّ “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، ويُمكن أن تنتقم لأيّ استهدافٍ إسرائيليّ في هذا المِضمار في إطارِ حربٍ إقليميّةٍ عُظمى باتَ محور المُقاومة يستعدّ لخوضها، ولعلّ خِطابيّ السيّدين السنوار ومحمد ضيف في ذِكرى الـ35 لانطلاق حركة “حماس” أبرز المُؤشّرات.

دولة الاحتِلال الإسرائيلي إنهزمت بشَكلٍ مُذِلٍّ في حرب السّفن والناقلات، وتعرّضت أكثر من سفينةٍ إسرائيليّة للقصف بصواريخ المُسيّرات الإيرانيّة الصّنع في خليج عُمان وبحر العرب، وكان آخِرها، قبل بضعة أسابيع، وظهرت نظريّات عديدة تقول إن قصف السّفن الإسرائيليّة جاءَ ردًّا على قصفِ أهدافٍ ومخازن أسلحة إيرانيّة في سورية.

ربّما لا يستطيع محور المُقاومة الرّد على القصف الإسرائيلي لأهدافٍ في العُمُق السّوري احترامًا للحليف الروسي، وتجنّب إحراجه، لعلاقات الرئيس فلاديمير بوتين القويّة مع القِيادة الإسرائيليّة، ولهذا جرى نقل المعركة مع دولة الاحتِلال إلى البحار المفتوحة حيث يُمثّل النّقل البحري أكثر من 80 بالمئة من التجارة الإسرائيليّة مع العالم وخاصَّةً شرق أسيا، ولكنّ شلّ الحركة الجويّة وضرب المطارات أمْرٌ مُختلف.

***

يكفي أن ينطلق صاروخان من قِطاع غزّة باتّجاه مطاريّ اللّد (تل أبيب) ورامون في النقب لتعطيل المِلاحة فيهما، وصاروخ باليستي حوثي ثالث لإغلاق ميناء إيلات وشلّ المِلاحة في خليج العقبة، أمّا إذا نزلت صواريخ حزب الله الدّقيقة وتوجّهت نحو منصّات الغاز الإسرائيليّة في البحر المتوسّط، وميناء حيفا، فإنّ الصّورة ستكون أكثر قتامةً بالنّسبة إلى دولة الاحتِلال، ونحن نتحدّث هُنا عن أذرع الأشبال والحال سيكون مُختلفًا لو نزلت الأسود الكُبرى إلى الميدان.

دولة الاحتِلال الإسرائيلي تلعب بالنّار، وتتجاوز كُل الخُطوط الحُمر، ولا نستبعد أن الرّد الحاسِم والمُوجِع على غطرستها، وتغوّلها في العُدوان بات وشيكًا، والعام المُقبل 2023 قد يكون مُختلفًا عن كُلّ الأعوام السّابقة، وهذه ليست تمنّيات وإنّما استِنادًا إلى معلوماتٍ نقلًا عن مصادر وثيقة.. والأيّام بيننا.

 

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …