سورية؛ الحرب الاقتصادية الامريكية للتجويع والتفكيك.. هل من خيارات بغير الحرب؟؟٢/٢

ميخائيل عوض

الا من بدائل لاحتواء الازمة في سورية ومنع الانهيار والحاق الهزيمة بحروب الحصار والتجويع  الا بالحرب؟؟
الجواب هناك بديل، والبديل الاهم والاكثر جدوى والممكن والمتوفرة عناصره وشروطه يتجسد بوجوب انجاز الانقلاب الابيض – الحركة التصحيحية -الثورة البيضاء ومن فوق  يقودها الرئيس الاسد فثلاثية سورية الماسية مازالت فاعلة؛ الشعب والجيش والقائد وحوامل الثورة من فوق وقواعد ارتكازها تتجسد في الثلاثية فهل يتأخر الحل؟؟
مرة اخرى الجواب عند الرئيس ومحور المقاومة بأركانه وحلفه الاوراسي وطي استراتيجيتهم لمواجهة الهجمة العدوانية الاطلسية وحروب التجويع والحصارات الظالمة، ولإنجاز مهام إعادة هيكلة العرب والشرق في سياق الجاري لإعادة هيكلة العالم وولادة العالم الجديد الوارث للانكلو-ساكسوني الهرم والمتداعي الاركان..
اما كيف؟؟؛ فنتصوره بالثورة البيضاء – الحركة التصحيحية الواجبة والممكنة كمخرج ثوري وربما الوحيد لإنقاذ سورية والمحور وتوفير شروط مراكمة الانتصارات تامينا لجولة فاصلة تكون نتيجتها التحرير الكامل لفلسطين وطرد الغزاة من سورية ومن جغرافيا العرب ….
الثورة المطلوبة تستند الى خطوات نوعية كمرتكزات تأسيسية، بإنجازها تتأهل سورية لاحتواء ازماتها والاستعداد لحقبة النهوض لدور الريادة الذي اعدها له التاريخ والجغرافية وصاغتها التضحيات الجسام والانتصارات في الحرب العالمية العظمى التي ادارتها بحكمة وحنكة واقتدار.
المرتكز الاول؛ حكومة، شابة، من خارج السياق والاليات العتيقة المتقادمة لتشكيل الحكومات وتوازناتها وترشيحاتها.. فريقها الاقتصادي منسجم ويعمل بتفاعل خلاق، مبدع في تنفيذ الرؤية والخطط وتوجيهات الرئيس فقط ولا غير.. محمية من الضغوط والتدخلات، تعلي المصلحة الوطنية والاجتماعية العليا على اية مصلحة….
المرتكز الثاني؛ ثورة ادارية تعيد صياغة وتحديد وظيفة الدولة وهويتها، وتاليا اعادة هيكلتها واجهزتها بما يتماشى مع قيم العصر ومنتجاته وتجاربه، وبما يلبي حاجات سورية في معالجة الازمة والتأسيس لحقبة النهوض والريادة، وفي المقدمة اجراءات حازمة لتصفية مصنع الفساد المتجسد بالصفوف العليا للإدارة التي تقادمت وفقدت فاعلياتها وتكلست وعشعشت فيها مافيا الفساد واختراقات اللوبيات الاحتكارية، وشفاطات المال العام والثروات. والحل بقطع راس الفتنة من الدرجة الخامسة الى الاولى واحالت العاملين فيها الى المعاش والتحقيق، واستبدالهم في الهياكل الجديدة العصرية بالخريجين  والشباب وبتفعيل استخدام التقانة والرقمية والشبكات والتكنولوجيا، والدفع الالكتروني، وانجاز ما يمكن من المعاملات عبر الحواسيب والبرمجيات والبطاقات الذكية وتيسير المعاملات وتحريرها من البيروقراطية وزحمة التوقيعات.
والخطوة الثورية المتكاملة معها تقتضي ترشيق الدولة والوظيفة العامة وتصغير حجم الدولة الى اقصى الحدود” فعلتها ماليزيا وكانت في مرتكزات نهضتها- فعلها بوتين في روسيا،- تفعلها مصر التي خفضت حجم الدولة ٣٥% ومستمرة” فسورية بمساحاتها وعدد سكانها وناتجها القائم وبالحاجة للدولة وللحكومة الرقمية والمنتجة وباعتماد الادارة الشبكية، لا تحتاج الى اكثر من بضع مئات الاف الموظفين… فلماذا يتم حشوها ب مليون واكثر من سبعمائة الف من الموظفين في بطالة مقنعة ترهق الخزينة والدورة الاقتصادية وجيوب المواطنين في انفاق على كتلة هائلة معطلة عن العمل والانتاج وتتحول بالمجتمع وفتوته الى كتل مستهلكة وغير منتجة، في وقت استنفذت فكرة القطاع العام الوظيفي والدولة الثقيلة وظيفتها الاجتماعية في امتصاص البطالة لاحتواء احتياجات المجتمع وتعزيز دور الدولة وتامين قاعدة اجتماعية للاستقرار. فهذه كانت قواعد مفيدة وانتفت اسبابها وفوائدها. والدولة المطلوبة في سورية دولة رشيقة منتجة، اجتماعية تلتزم توفير فرص العمل وامتصاص البطالة من خلال السياسات العامة والحوافز والمشاريع القومية وتطوير قطاعات الانتاج لا حشو الادارات بموظفين يقبضون ولا يداومون، يستهلكون ولا ينتجون.
المنطقي ان الاجراء الثوري هذا لا يبغي معاقبة السوريين العاملين في الدولة انما يستهدف تكريمهم وتوفير فرص وشروط توسيع وتكبير الدورة الاقتصادية وتعظيم الانتاج وحل مشاكله وزيادة دخولهم عبر تحويلهم الى المعونات الاجتماعية فتلتزم الدولة دفع الرواتب دون الالزام بالدوام وتكبد اكلافه التي تستهلك نصف المعاش التعيس وغير القادر على تامين ابسط الحاجات في واقع الاسعار وندرة الموارد، والمنطقي ان اجراء ترشيق الدولة مع استمرار دفع الرواتب كمعونات سيوفر على الدولة نفقات ادارية ومكتبية وابنية توازي نسبتها ٥٠%من الكلفة العملية للجهاز الحكومي والقطاع العام الاداري، والاعفاء من الدوام سيدفع بمئات الالاف الى الدورة الاقتصادية وانعاش الريف وبناء الورش والمشاريع الصغيرة وسد الحاجات للعمالة،ج وسيحرر المدن من الاكتظاظ وارتفاع اسعار العقارات واجورها والخدمات العامة.
المرتكز الثالث؛ مراجعة نقدية للإجراءات التي اعتمدتها الحكومة واللجنة الاقتصادية، ونسف الاجراءات التي ثبت خطأها وانعكست سلبا واتخاذ الاجراءات الاسعافية والفورية لتحرير الدورة الاقتصادية وعجلة الانتاج وحركة السورين والوافدين والتحويلات من اية عقبات او قيود، وتحفيز المجتمع والناس على حل المشكلات وتامين الحاجات بمبادرات فردية وجماعية وتطويرها، وازالة اية عقبات في طريقها بل تعظيم دور المجتمع ومبادراته في ايجاد الحلول وتامين الحاجات وتبريد حالة الغليان لتوفير الوقت اللازم لتامين شروط اطلاق الاصلاح الشامل والتنمية المستدامة على المحاور الثلاث؛ الاصلاح والتنمية الادارية، الاصلاح والتنمية الاقتصادية، والاصلاح والتنمية السياسية.
المرتكز الرابع ؛ فك العلاقة بين الليرة والدورة الاقتصادية والمالية مع الدولرة، وتسريع خطوات التحول الى الشرق، والشروع بالتعامل باليوان والروبية والروبل، والانخراط بتكتلات اقتصادية اسيوية وعالمية شرعت بالتبادلات بالعملات الوطنية وباستخدام منظومات السويفت الروسية والصينية، ومنظومة مير الروسية للدفع الالكتروني، والسعي لإعادة هيكلة وتكييف الاقتصاد السوري وفروعه ونطاقاته للتحرر الكامل من التبعية للأسواق الاوروبية والامريكية، وبذل جهد استثنائي لاستقطاب السياحة الروسية والصينية التي تمثل قطاعات ناشطة وتفيد الاقتصاد السورية بمعدلات نوعية، والعلاقات السياسية والبيئة السياحية السورية الثقافية والدينية والطبيعية والاصطياف مشجعة جدا للاهتمام بهذا القطاع الخدمي والذي يوفر العملات الصعبة التي تحتاجها سورية لتامين حاجاتها وتعزيز تبادلاتها البينية مع الاسواق الاسيوية المتعطشة والباحثة عن اسواق ولسورية مكانة وجغرافية حاكمة في استراتيجية الطريق والحزام  ومناخات وبيئات جاذبة.
المرتكز الخامس؛ اطلاق جولة تفاعل وحوار وطني شامل، كان قد ابدع بمثلها السيد الرئيس مع بدء الازمة فحاور السورين من كل الفئات والمناطق ل١٥٠٠ ساعة، وشهدت البلاد وفاعلياتها حوارا تفاعليا عميقا، مكنت سورية وشعبها وقيادتها من معرفة الجاري واكتشاف المخططات ووفرت تضامنا وطنيا اسهم في قدرتها على ادارة الحرب والانتصار بها والمسالة الاجتماعية وحرب التجويع المعلنة تستحق فهي الاخطر والنصر فيها يمكن سورية من المستقبل بالبناء والنهوض والريادة.
سورية مأزومة وتبلغ ازمتها الذروة وحدود الخطر، هذا واقع حال معاش لا تفيد معه سياسات وضع الرأس بالرمال ولا شتم الظلام وقوى الظلامات والحروب والحصارات الفاجرة فحسب بل المطلوب والواجب الملح ابتداع البدائل وتخليق الفرص والعمل الدؤوب لتصليب الوحدة الوطنية والاجتماعية والالتفاف حول الجيش والقائد، والعمل بجد لاستنباط العناصر والشروط الكامنة والاستثمار بالثروة البشرية والموقع الجيوبوليتكي لتحويل الحصار الى فرص للتنمية واكتشاف قدرات سورية وشعبها ومكامن القوة لزيادتها والضعف لمعالجتها .
فإما السلاح يحمي ويكسر الحصار، ويؤمن العيش الكريم او الثورة من فوق والافضل كلاهما فقد ان لهذا الفارس ان يترجل وقد تحملت سورية وشعبها وقيادتها ما تنوء به الجبال وتنهار امامه اعتى الامبراطوريات وربما ازف وعد الخلاص.
يبقى للزمن والجغرافيا كلمتهما وقد يعفي سورية من الخطوات الاضطرارية، كان يأت الفرج من لبنان اذا انهار النظام والمؤسسة فتفقد امريكا قدراتها ونفوذها لتفرض اشد الحصارات على سورية واو من الأردن وقد تصاعدت نذر الانفجار الاجتماعي فان تطورت الامور اكثر ستكون بمثابة هدية لسورية ولتمكينها من الصمود والمواجهة واشغال أعدائها في واحدة من اخطر واهم الساحات…
لسورية رب يحميها وموقعها الجغرافي والجيوبوليتيكي ومكانتها سبق ان امنتها وحمتها وقدمت لها الفرص واشغلت اعدائها في الوقت المناسب، والامل ان تكون التطورات في بيئتها عناصر حامية ومساندة لها في وجه العدوان والتجويع والعواصف.

انتهى
بيروت؛ 21-١٢-٢٠٢٢

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …