*هل تعلم بأي أسلوب وحشي تمكنت أسبانيا من احتلال المكسيك؟

 

د. علي المؤمن

حتى أوائل القرن 16 الميلادي كانت المكسيك امبراطورية تسمى “الآستك”، ويصل عدد سكانها الى (30) مليون نسمة. ولكي يتمكن الجيش الأسباني من احتلال البلاد؛ فقد جلب معه أعدادآ كبيرة من المصابين بمرض الجدري في العام 1521، وقام بنشر المرض على نطاق واسع في أرجاء المكسك، فمات خلال بضع سنوات (15) مليون مكسيكي جراء الإصابة بالجدري، أي أن الجيش الأسباني المتوحش قتل نصف سكان امبراطورية “الأستك” قبل أن يستكمل احتلال البلاد.
وخلال ذلك كان القساوسة الأسبان ينشرون المسيحية الكاثوليكية بقوة السلاح والخديعة؛ إذ أشاعوا بين المكسيكيين بأن هذا المرض الفتاك هو غضب من إله المسيح، وإن إله المسيح أقوى من آلهة الأستك المتعددة، وإن إله المسيح الغاضب هو الوحيد القادر على تخليصهم من المرض، الأمر الذي جعل حكومة الأستك وشعبها مستسلمين لهذه الخديعة.

وبذلك ارتكب الاحتلال الاسباني ثلاث جرائم تاريخية عظيمة في وقت واحد:

1- احتلال المكسيك بسهولة ودون مقاومة تذكر، بعد شل قدرة الدولة والشعب على التفكير بالمقاومة، جراء الموت السريع والمتواصل لملايين السكان جراء الإصابة بالجدري، واقتناع من تبقى من الشعب بأن إله الإسبان الغزاة أقوى من ألهتهم، وإن الغزاة قادرون على دحر المرض.
2- فرض الديانة المسيحية الكاثوليكية على شعب “الأستك”، بالخديعة والاحتيال، الى الحد الذي تحول المكسيكيين الناجين من الجدري الى مسيحيين خلال بضع سنوات، وهو أسرع عملية تحول جماعي مسيحي طوعي في التاريخ.
3- فرض اللغة الاسبانية لغة رسمية على شعب “الأستك”، ومعاقبة من لايتعلمها ومن لايتكلم بها. ومارس القساوسة دوراً إجرامياً أساسياً في هذا المجال.

هذا نموذج بسيط، لكنه مروع، من جرائم الاوربيين المتشدقين بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والذين بنوا مدنياتهم بجماجم الشعوب، ونشروا ديانتهم المسيحية ولغاتهم وثقافاتهم بالسلاح والخديعة.
أما ما فعلته اسبانيا في باقي شعوب أمريكا اللاتينية والجنوبية، وكذا ما فعلته فرنسا في الجزائر وعموم افريقيا، وهولندا في اندونيسيا، وايطاليا في ليبيا، وبريطانيا في الهند وافريقيا والعراق، وامريكا في عشرات الدول، ولاتزال، من جرائم إبادة بشرية؛ فيحتاج الى ألاف المجلدات والأفلام والبرامج، لتوصيفه وتوثيقه.

شاهد أيضاً

🛑 عاجل | عضو المكتب السياسي لحركة حماس، حسام بدران:

  – نحن حريصون على الوصول إلى اتفاق لوقف الحرب وتواصلنا مستمر مع الوسطاء. – …