الأميرات الأوروبيات يجمعن الحطب

شنبيه البرجي

أهذا حديث رئيس دولة أم حديث مهرج: “لن أنهي الحرب الا حين أرى فلاديمير بوتين معلقاً على حبل المشنقة”، و”…الا حين يتفكك الاتحاد الروسي قطعة قطعة مثلما تفكك الاتحاد السوفياتي”، و… “الا حين يرقص ضباطنا، وجنودنا، السامبا في الساحة الحمراء”، و”…الا حين يرفرف العلم الأوكراني فوق قباب الكرملين وتتحول قاعة القديسة كاترين الى قاعة راحيل”.

أكثر من ذلك، “… أنتظر قنابلكم النووية كيلا أترك حجراً على حجر في موسكو وبطرسبيرغ”!!

هذا ما تتناقله أوساط ديبلوماسية أوروبية عن كلام فولوديمير زيلنسكي الى سناتور أميركي التقاه أخيراً. الكلام جاء في سياق تقرير قدمه السناتور للرئيس جو بايدن، وقد ذيّله بالسؤال التالي “هل هذا الرجل يعمل لحسابنا أم نحن نعمل لحسابه؟ “تعليقات فرنسية، وألمانية، حطت في المقاهي “لقد نفخناه أكثر من اللزوم، ولا ندري متى ينفجر فينا”، كذلك أسئلة من قبيل “الى متى يمكننا تحمل تبعات، ونفقات، هذه الحرب؟”.

أيضاً القول “اذا ما بقيت أزمة الطاقة على اشتدادها، فلسوف نرى الأميرات الأوروبيات يجمعن الحطب”، أو “أننا قد نصبح نزلاء في قوارب الموت الى الشواطئ الاستوائية هرباً من الصقيع”. “ربما يفكر مخرج سينمائي بفيلم يحمل عنوان “الشيطان الآتي من الصقيع”.
من قهقهات أحد محرري صحيفة “لوكانار أنشينه” الفرنسية “الساخرة” حيث أخفق نابليون وهتلر، لسوف نرى فولوديمير زيلينسكي الذي كان يهرب كالفأر من مكان الى مكان في كييف تحت وطأة الصواريخ الروسية، وهو يختال بالـ “تي شيرت” في شوارع موسكو”.
كثيرون في أوروبا لا يستبعدون أن تصبح أوكرانيا كلها من دون كهرباء اذا ما لاحظ الكرملين أن هذه هي الطريقة اللانووية (والناجعة) التي تجعل الرئيس الأوكراني يتوسل لجو بايدن قبوله الجلوس الى طاولة المفاوضات. الخشية من أن تغمر العتمة أوروبا. في هذه الحال، أين يصبح الاقتصاد، وهل يصيب اليورو ما أصاب التومان الايراني؟
في الكثير من التعليقات تلميحات للأميركيين، وما “اذا كانوا يجروننا للعودة الى القرون الوسطى”. الحياة، وليس فقط الاقتصاد، تلامس الخط الأحمر. في واشنطن لا يرون من كل الكرة الأرضية سوى شبح القيصر…
ألم يقل ميلتون فريدمان، الأميركي الحائز نوبل في الاقتصاد، وصاحب نظرية “النقدوية” التي أخذ بها رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، انه “اذا كانت السكتة الدماغية التي أصابت الاقتصاد هي وراء زوال الأمبراطورية الشيوعية، فهي كانت أيضاً وراء ظهور أدولف هتلر”؟
في هذه الحال، ماذا ينتظر أوروبا اذا ما دخلت، أو هي دخلت، فعلاً، في الصقيع الاقتصادي؟ لا أحد، وسط هذا الضجيج يستطيع التكهن بالاحتمالات.
الرئيس الروسي الذي يضرب محطات الطاقة في أوكرانيا ما ينذر بشتاء مروع، هو نفسه قد يفجر أنابيب الغاز، وكذلك ناقلات النفط، فقط لكي يضع نهاية لتلك الحرب التي لم يكن يتوقع أن تدوم لأكثر من أسابيع. اذ أرهقته، لا ندري اذا كان يخشى من أن تحدث هزات بنيوية في بلاده. وهذا هو رهان ادارة جو بايدن الذي، باصراره على انضمام أوكرانيا للأطلسي، كان يتصور أنه “يضع قدميه على صدر القيصر”.
المشكلة أن غالبية الأوكرانيين كانوا قبل لحظة من ضرب منشآت الطاقة، يؤيدون بقوة استمرار الحرب لاعتقادهم أن الجيش الروسي بدأ يدور في حلقة مفرغة. لا شك أن هذا الجيش يعاني من مشكلات لوجيستية، وعملانية، معقدة. لكن باستطاعة الترسانة الروسية الاستمرار لمائة عام.
في هذه الحال، من الغباء الرهان على الحل العسكري، ولا مناص من الحل السياسي، الا اذا كان البنتاغون مصراً على تحطيم عظام القيصر وترويع عظام التنين…
كيف سيكون الشتاء في أوروبا؟ اجراءات للحد من خطر الموت في الزوايا. ولكن ماذا اذا ما استمرت الحرب لسنة أخرى، بكل التفاعلات الاقتصادية، وحتى السيكولوجية؟

أوليفييه روا يسأل عن امكانية نشؤ حلف أوروبي في وجه أميركا، في ضوء تلك الأيام المريرة. أبواب الخيال، مثل أبواب الجحيم، مفتوحة على مصاريعها…

شاهد أيضاً

توماس فريدمان: هذا هو السؤال الذي ينبغي لبايدن أن يطرحه على نفسهI’m

أسدى الكاتب والمحلل السياسي الأميركي الشهير، توماس فريدمان، النصح لصديقه الرئيس جو بايدن، بأن ينسحب …