وفي السادس عشر من نوفمبر ٢٠١١ ، وبقلب ميدان التحرير بالقاهرة ، أطلقت الجامعة العربية النار على رأسها، وماتت على الفور …

المستشار العربي المصري م . ابويوسف أبوزيد

في ذلك اليوم المشؤوم لو كان قد تم القبض على وزراء الخارجية العرب في بيت دعارة ، لكانت الفضيحة أقل حدة ، وأقل جرسة بالتعبير المصري الدارج …ولو وقفوا جميعا على كوبري قصر النيل وزاغوا بأبصارهم في مياة النيل ، وقرروا بشجاعة الإنتحار بإلقاء أنفسهم في النيل ، لجاء إنتحارهم أقل دراماتيكية مما فعلوه بمقر الجامعة العربية في ذلك اليوم .

فقد قرروا تجميد عضوية سورية الدولة صاحبة النصيب الوافر في تأسيسها ومعها مصر كتعبير عن حيوية الوعي في البلدين ، ويبدو أن وزراء الخارجية العرب قد امضوا الليلة السابقة في قراءة وإستيعاب قصة الذئب والحمل لأندريه موروا ..لأنهم طبقوها بحذافيرها في اليوم التالي مع سورية …فليس في ميثاق الجامعة وقد قرأته مئات المرات من اليمين لليسار والعكس ، ومن اعلى لأسفل فلم اجد به صراحة أوتلميحا نص يساند أو يؤازر مثل هذا الإجراء شديد الوقاحة والتدني
الذي أيدته ١٨ دولة عربية بما فيها ورفضه لبنان واليمن ، وأمتنع العراق عن التصويت ..
وعندما صرخ مندوب سورية بالجامعة محتجا على هذا الإجراء الغريب والسخيف ومتهما حمد بن جاسم وزير خارجية قطر بالعمالة والإنبطاح رد الأخير في مؤتمر صحفي بأن تربيته ومستوي تعليمه وأخلاقه الرفيعة تأبى عليه الرد على التجاوزات الأخلاقية لمندوب سوريا ….

هذا القرار جاء تتويجا لسلسلة طويلة من المواقف والتصرفات والإستفزازات التي مورست ضد الدولة السورية ..فالتنسيق بين ولاة الأمور في الغرب والدول الخليجية كان على أشده منذ اليوم الاول لإندلاع الأحداث حيث سارعت تلك الدول بسحب السفراء من دمشق ، ثم كان دور نبيل العربي الذي تربي في مواخير كامب ديفيد والذي خلف عمرو موسي الذي أنجز مهمته بمباركة القضاء على القذافي وليبيا معا ، وقبلها صادق على إنفصال جنوب السودان بتوقيعه على إتفاق نيفاشا عام ٢٠٠٥ والذي كرس لتقسيم السودان …ذهب نبيل العربي إلى دمشق في تموز ٢٠١١ وعاد للقاهرة ليصرح بما يليق عن لقائه بالرئيس الاسد ..ثم تم منع مشاركة وفود سوريا في لجان الجامعة …وتبلغ الصفاقة مداها بتقديم مبادرة بتنحي الرئيس الاسد عن السلطة إلى نائبة …وعندما اعلنوا قرار تعليق عضوية سوريا ، قاموا بدعوة ما أسموه بالمعارضة السورية ليجتمعوا بها في الجامعة ، وتوجيه نداء إلى الجيش السوري …الخ ما تعلمونه …فإذا علمنا أن الجامعة العربية ممنوعة بنص صريح في ميثاقها من التدخل في الشؤون الداخلية للدول لأدركنا أن مابدر منها من تصرفات لا يحمل سوي دلالة واحدة وهي انه قد تم تمزيق ميثاقها ، وأنها قد اصبحت تدار عبر الخطوط الساخنة بينها وبين عواصم العدوان .. وتستمر قصة أندريه موروا ببروتوكول المراقبين …ثم إخفاء تقرير الفريق الدابي السوداني النزيه ..وبعدها كف نبيل العربي عن أن يكون أمينا عاما لان جامعته قد إنتحرت ، فتحول إلى مخبر يتولى إبلاغ تقاريره إلى مخفر الأمم المتحدة طالبا منها معاقبة سورية بلا رحمة …

آسف …ذكرتكم بشذرات مما لاتحبون تذكره ..فقط لأذكر الغافي منكم بأن الجامعة العربية قد ماتت منتحرة في ١٦نوفمبر ٢٠١١ عن عمر ٦٦ سنة…. ( قرأته فأعجبني وأتضح أني صاحبه .. )

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …