ماذا وراء تعيين الجعفري سفيرًا لسوريا في موسكو؟

محمد عيد

جاء تعيين نائب وزير الخارجية السوري بشار الجعفري سفيرًا لسوريا في العاصمة الروسية موسكو ضمن سلسلة تعيينات جديدة تشمل سفراء سوريا في العديد من الدول مثل البرازيل وفنزويلا والباكستان والبحرين. ورغم ذلك فإن الكثير من المراقبين ينظرون إلى تعيين الدبلوماسي المحنك في عاصمة واحدة من أهم حلفاء سوريا غير بعيد عن التقارب التركي – السوري الذي أعلنت موسكو صراحة سعيها الحثيث لرعايته فيما بدا الدبلوماسي بخبرته الواسعة خير ممثل لبلاده في هذا السياق.
رجل المهمات الصعبة
يرى العميد قاسم قنبر المحلل العسكري والاستراتيجي أن ثمة دورًا وطنيًا مميزًا يراد للدكتور بشار الجعفري أن يلعبه في المرحلة المقبلة ويتعلق بمسار تطور العلاقات المرتقب بين تركيا وسوريا الذي تحرص موسكو على رعايته ونقله من المستوى الأمني إلى المستوى السياسي.

وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري أكد العميد قنبر المتخرج من الأكاديميات الروسية أن اختيار الدكتور الجعفري لهذه المهمة الحساسة يرتبط بتاريخ الدبلوماسي الحافل بالنجاحات وهو الذي اعتاد من موقعه كسفير لسوريا في الأمم المتحدة أن يدعم حجة بلاده بالمنطق متكئًا على ثقافة واسعة ومتعددة بسطها للجمهور الأوروبي والغربي الذي كان يتابع افتراءات ممثلي بلادهم حول سوريا في الأمم المتحدة فكان الجعفري يرد على الأوروبيين والغربيين عمومًا من عمق ثقافتهم نفسها بحيث لا يبدو منطقه غريبًا وكان مقنعًا إلى درجة كبيرة في كل ما يسوقه من حجج.
ويعتقد العميد قنبر أن ما ينتظر الدكتور الجعفري كسفير لسوريا في روسيا هو العمل على عدة محاور لكن أهمها هو ذلك المرتبط بالتطور المرتقب في وتيرة العلاقات التركية – السورية على الرغم من عدم تبلور استنتاجات نهائية بخصوص النقاشات الأمنية التي تجري حاليًا بين البلدين.
ويضيف العميد قنبر في حديثه لموقعنا أن تعيين الدكتور الجعفري سفيرًا لسوريا في موسكو جاء في ظل الأنباء الواردة من العاصمة الروسية والتي تتحدث عن إمكانية رفع النقاشات الأمنية السورية – التركية إلى مستوى وزيري الخارجية وفق ما أشار إليه نائب وزير الخارجية ونائب الرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف الذي قال إن “الجانب الروسي يشارك في حوار مع الشركاء بشأن اقتراح توفير منصة لاجتماع وزيري خارجية سورية وتركيا”.
وسبق ذلك بساعات تصريح وازن للرئيس التركي رجب طيب اردوغان من العاصمة التشيكية براغ أعرب فيه عن رغبته في لقاء الرئيس السوري بشار الأسد “عندما يكون الوقت مناسباً”، الأمر الذي عد مؤشرًا ملحوظا على تطور مرتقب في العلاقة بين البلدين.
خطوات على الأرض
ويشير الخبير العسكري والاستراتيجي في حديثه لموقعنا إلى “مؤشرات لافتة” على وجود تفاهمات ضمنية أفضت إلى قيام كل من تركيا وسوريا بـ”إجراءات على الأرض” لم تكن بعيدة عن هذه التفاهمات، إذ افتتحت الحكومة السورية ولأول مرة مركز تسوية في ادلب كما أعادت تأهيل البنى التحتية في المناطق التي استعادها الجيش السوري داخل هذه المحافظة التي يستولي الإرهاب المدعوم تركيا على الجزء الأكبر منها.

يضيف قنبر إنه في مقابل ذلك، مهدت السلطات التركية لإعادة فتح معابر دائمة بين مناطق سيطرة الفصائل المسلحة المرتبطة بها والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية بهدف رفع وتيرة المساعدات الأممية عبر الخطوط تحت إشراف دمشق من جهة وبغية افساح المجال أمام عودة النازحين واللاجئين من جهة ثانية.
خلاف أمريكي – تركي
ويرى العميد قنبر أنه وازاء هذه المعطيات المتشابكة برز خلاف أمريكي – تركي  تمحور حول مساعي السيطرة على “المعارضة السورية”. فبعد ارتياب واشنطن من مساعي أنقرة لـ”تأهيل” الفصائل المسلحة بغية إعدادها لمرحلة الانفتاح المرتقبة على دمشق، سارعت إلى ضخ الروح مجدداً في علاقاتها مع الائتلاف المعارض ومحاولة استمالة العديد من الفصائل الإرهابية الأخرى التي سبق ووضعت جميع بيضها في السلة التركية.

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …