*الكيان: نصر الله يُصعِّب فكّ اللغز ومستحيل تحليل شخصيته.. وثيقةٌ سريّةٌ: الجيش والاستخبارات والجنرالات أوصوا بتوقيع الاتفاق لمنع إشتعال الحرب والقادة الأمنيين السابقين والحاليين أذعنوا لإملاءات السيّد

 

زهير أندراوس:

يومًا بعد يوم يحتدِم النقاش داخل كيان الاحتلال الإسرائيليّ حول اتفاق ترسيم الحدود المُتوقّع بين لبنان والدولة العبريّة، حيُث يستمّر تراشق الاتهامات بين مؤيّدي الاتفاق وبين معارضيه، رغم أنّ القاسم المُشترك بين الطرفيْن هو مدى نجاح الأمين العّام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله، في ليّ ذراع الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وربيبتها-حبيبتها إسرائيل، وإلزامهما، تحت طائل التهديد بفتح معركةٍ شاملةٍ في الشمال، على التنازل ومنح لبنان ما يستحّقه وفق القوانين والمعاهدات والمواثيق الدوليّة.

وفي هذا السياق أقّر المُحلِّل يسرائيل هارئيل في صحيفة (هآرتس) أنّ كبار جنرالات جيش الاحتلال خضعوا لإملاءات نصر الله، وطالبوا الحكومة في توصيةٍ رسميّةٍ، كشفت النقاب عنها القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، بتوقيع اتفاق ترسيم الحدود بأسرع وقتٍ ممكنٍ لمنع تصعيدٍ في الشمال، كما هدّدّ الأمين العّام لحزب الله.

في السياق عينه، ونقلاً عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلاع بالمؤسسة الأمنيّة، قال محلل الشؤون العسكرية في هيئة البث الإسرائيليّة الرسميّة (كان)، روعي شارون، إنّه “لم يولد بعدُ لا القائد ولا رجل الاستخبارات الإسرائيليّ أو الغربيّ، الذي يستطيع دخول رأس نصر الله، وينجح في تحليل ما يخططه”، معتبرًا أنّ “هذا فشل مرة بعد أخرى، أيضًا بخصوص حماس وبخصوص نصر الله”، مُضيفًا أنّ نصر الله “اعتاد تسلّق الأشجار بفضل سياسة إسرائيل في العقد الأخير. لذلك، يشعر بأنّه يستطيع تهديد إسرائيل بخصوص ترسيم الحدود”، على حدّ تعبيره.

على صلةٍ بما سلف، تبينّ أنّه حتى جيش الاحتلال الإسرائيليّ، كما كشفت القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ تدّخل من أجل تسريع توقيع الاتفاق بين الدولتيْن، رغم أنّ الحديث يدور عن خطوةٍ سياسيّةٍ، وليست عسكريّةً أوْ أمنيّةً، وبحسب مراسل القناة الـ12، غاي بيليغ، فقد قام جيش الاحتلال بتحضير توصيةٍ قدّمها للمستشارة القانونيّة للحكومة الإسرائيليّة أكّد فيها أنّ المصالح الإستراتيجيّة والتكتيكيّة لكيان الاحتلال تُحتّم على الحكومة الحالية، بصفتها حكومةٍ انتقاليّةٍ بالتوقيع سريعًا ودون تأجيلٍ على الاتفاق، وهو المُستند الذي كانت ننتظره المستشارة القانونيّة للمصادقة على توقيع الاتفاق دون عرضه على الكنيست الإسرائيليّ، كما ينص قانون الكيان.

وأكّد التلفزيون العبريّ، نقلاً عن الوثيقة الأمنيّة التي أعدّها الجيش الإسرائيليّ ونقلها للمستشارة القانونيّة، أنّ هناك أهمية أمنيّة بالغة في التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان في أسرع وقتٍ ممكنٍ، كما لفتت الوثيقة-التوصية إلى أنّ جيش الاحتلال وشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) بعثا بتوصيةٍ حادّةٍ كالموس للمستشارة جاء فيه أنّ “الاتفاق الذي يتبلور بين إسرائيل ولبنان حول ترسيم الحدود المائيّة بين البلدين، في صيغته الحاليّة، يُساهِم مُساهمةً مهمّةً للمصالح الأمنيّة لإسرائيل”، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّه “توجد حاجة ماسّة وسريعة جدًا من الناحية الأمنيّة والسياسيّة للتوصّل لاتفاقٍ فورًا أوْ على الأكثر في أقرب وقتٍ ممكنٍ ودون تأجيلٍ، وذلك لمنع التصعيد العسكريّ على الجبهة الشماليّة بين إسرائيل ولبنان، أيْ مع حزب الله، وهو التصعيد الذي من المُتوقّع جدًا أنْ ينفجر في القريب العاجل، ولذا يتعيّن على الحكومة استغلال نافذة الفرص الخاصّة التي فُتِحَتْ بهدف التوقيع على الاتفاق مع لبنان”، كما جاء في وثيقة جيش الاحتلال الإسرائيليّ.

عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، أوضح التلفزيون العبريّ أنّ موقف مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ ووزارة الخارجيّة لا يختلف بشكلٍ جذريٍّ من موقف الجيش الإسرائيليّ، ولذا فإنّ المُستشارة القضائيّة للحكومة الإسرائيليّة أكّدت أنّ الحديث لا يجري عن إخلاء مستوطناتٍ أوْ اتفاق سلامٍ، ولذا أضافت لا توجد حاجةً لإجراء استفتاءٍ شعبيٍّ لإقرار الاتفاق، كما لا توجد حاجة لعرض الاتفاق على الكنيست لإقراره بأغلبية 80 نائب كنيست من أصل 120 نائبًا، كما نقل عنها التلفزيون العبريّ.

إلى ذلك، انتقد الكاتب يسرائيل هارئيل في صحيفة (هآرتس) خضوع قادة الجيش والأجهزة الأمنيّة الحاليين والسابقين في الكيان لتهديدات السيّد نصر الله، وقال في هذا السياق إنّ جميعهم تجنّدوا من أجل الدفاع عن الاتفاق ودفع الحكومة إلى التوقيع عليه، لخشيتهم من أنْ يقوم نصر الله بتنفيذ تهديداته التي أكّد فيه أنّ قادرٌ على إصابة واستهداف أيّ هدف ومنشأة إستراتيجيّة في العمق الإسرائيليّ، وأضاف:”عندما ردّ القادة بتل أبيب بالقول إنّه يتفاخر، قام الرجل بإرسال المُسيّرات لحقل (كاريش) وقال فيما بعد إنّ الرسالة وصلت لإسرائيل، والرسالة فعلاً وصلت”، كما قال الكاتب.

وأضاف أنّ القادة الآمنين الحاليين والسابقين تطوّعوا لدعم الاتفاق الإسرائيليّ بين إسرائيل وحسن نصر الله، غير آبهين بتغيير موقفهم من نصر الله، عازيًا التغيير إلى التهديدات التي أطلقها الأمين العّام للحزب. وخلُص إلى القول إنّه من المؤلم والصعب أنّ القادة الأمنيين الإسرائيليين هُزِموا أمام نصر الله وخضعوا للإملاءات التي وضعها، ومن بين هؤلاء القادة القائد العّام للجيش، الجنرال أفيف كوخافي، والقائد القادم الجنرال هرتسي هليفي، وجميع نظرائهم في هيئة الأركان العامّة، على حدّ قوله.

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …