مَن المرجَّح لخلافة عباس إبراهيم الذاهب إلى التقاعد قريباً؟

النهار”- ابراهيم بيرم

بعد نحو خمسة اشهر من الآن يتعين ان يغادر المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم المنصب الامني الحساس الذي يشغله منذ اكثر من عقد بفعل بلوغه السن القانونية. وبذا سوف تفتقد الحياة السياسية والامنية في لبنان حضور لاعب ادوار ريادية مشهود له بانه أدّاها بجدارة عندما كُلف مهمات صعبة وملفات بالغة الحساسية وما اكثرها، وهو الذي اعتاد ان ينهي معظمها بنجاح.

الملفات التي تولاها الرجل لم تكن تقتصر على الداخل اللبناني فقط، بل تعدّتها الى ملفات اقليمية خصوصا بعدما اشتعل فتيل الاحداث في الساحة السورية.

وبمعنى آخر، افلحت جهود اللواء إبراهيم ومروحة علاقاته الواسعة مع كل الاطراف المتناقضين في اعادة الاعتبار الى الدور السياسي المحوري لجهاز الامن العام. وهو دور كان مرتبطا تاريخيا بشخص مديره العام اكثر مما هو منصوص عليه في القوانين المرعية الإجراء. وخلال السنين العشر الخوالي تمكن اللواء إبراهيم من ان يكون نقطة وصل بين الخارج والداخل اذ صار موثوقا به في دوائر واشنطن وغيرها من العواصم الاجنبية، لدرجة ان ثمة من اعطاه صفة قناة الحوار غير المرئية بين واشنطن و”حزب الله”، لاسيما ان العاصمة الاميركية كانت تستدعيه وتطلب منه مهمات لها علاقة بأميركيين فُقد أثرهم في سوريا في ظروف غامضة، لذا شكَّل ايضا في مرحلة من المراحل قناة تواصل وتفاوض بين دمشق وواشنطن.

وفرادة الدور تجسدت ايضا في الداخل اللبناني. فحينما تصل الامور والمسارات الى درجة الاستعصاء والانسداد بين الاطراف وبين الحكم تتوجه الانظار مباشرة الى اللواء إبراهيم منتظرة منه دوراً في خفض منسوب الاحتقان ومن ثم في البحث عن حلول وتسويات، واستطرادا تفاهمات، وليس آخرها دور الوسيط الذي يؤديه الرجل منذ ايام بين الرئاسة الاولى وفريقها (“التيار الوطني الحر”) وبين الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي بغية اخراج التشكيلة الحكومية المنتظرة من دائرة التعثر.

وبناء على كل هذه الوقائع، فان عملية بحث جارية عن أمرين: الاول هو سبيل ابقاء هذا الرجل كلاعب سياسي تحتاج اليه الساحة اللبنانية المثقلة بالإشكالات والصراعات وتتعطل فيها لغة الكلام والحوار في احيان كثيرة.

والثاني مَن هو الشخص المؤهل لشغل هذا المنصب واداء هذا الدور الريادي بعد ان تنعدم فرص الامر الاول.

المتابعون للامر اقاموا في الآونة الاخيرة على تفاؤل بامكان التمديد للواء إبراهيم في منصبه. وقد تجلى ذلك في مشروع قانون قدمه الى مجلس النواب النائب الاشتراكي بلال عبدالله وعدد آخر من النواب، مؤداه تشريع عملية رفع سن التقاعد لرؤساء الاجهزة الامنية من 64 عاما كما هو معمول به الى 68، وعليه يكون اللواء إبراهيم من ضمن هؤلاء. لكن هذا التفاؤل ما لبث ان تبدّد عندما بادر رئيس المجلس نبيه بري الى نزع صفة العجلة عن المشروع واحاله على اللجان النيابية لاخضاعه لمزيد من الدرس تحت عنوان انه يحوي ثغرات قانونية. واللجان في لبنان تكون عادة مقبرة المشاريع.

أما السبيل الثاني للتمديد لبقاء إبراهيم في دائرة الحضور السياسي المباشر فكان عبر توزيره في الحكومة المنتظر ولادتها. لكن ثمة في الثنائي الشيعي من لم يتشجع على المضي قدما في هذا الخيار.

أما من هي الشخصية المؤهلة لخلافة اللواء إبراهيم فان الذين بيدهم كلمة السر في المرجعية الشيعية يجيبون عن هذا السؤال المطروح بالحاح بالآتي:

– مازال امر الحسم مبكرا، فخلال الاشهر الخمسة المتبقية له يخلق الله ما لا تعلمون، ولكن الاكيد ان امرا بهذا المقدار من الاهمية غير متروك للمصادفات من جانب الثنائي تحديدا.

– وعليه فان ثمة معايير وحسابات دقيقة ينبغي تطبيقها عند الاتفاق على الاسم البديل.

ومع كل ذلك، ثمة من يرى ان رجلا ادى كل هذه الادوار المهمة لا ينبغي ان يترك الميدان السياسي، فهو قيمة مضافة.

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …