أخجل منك ياولدي.. حتى فرحة العيد سرقوها وأفسدوها!!

زياد سامي عيتاني

أخجل منك يا ولدي..
أخجل منك ومن نفسي، لأنني عاجز عن أن أدخل فرحة العيد وبهجته إلى قلبك الوردي الصغير..
لن تفرح بالعيد، هذا العيد، كغيرك من أطفال العيد!! لن تعيش أجواءه ولا مسراته التي تنتظرها من عام لعام، حتى تزهو وتفرح بطقوسه، خصوصاً وأن العيد وجد لك ولأبناء جيلك، حتى قيل فيكم أنكم أنتم فرحة العيد…

لن تجول في الأسواق قبل حلول العيد، لتمتع نظرك بحلة العيد وبالزينات التي كانت تكتسي بها، حيث تطغى عليها الألوان الزاهية ومجمسات الأهلة والنجوم والكعبة المشرفة، إضافة إلى الأضواء التي كانت تتلألأ ليلاً بالأنوار، لتضفي أجواءاً من الفرح والمحبة في النفوس المبتهجة بالعيد وإحتفالاته!!!
فالأسواق التي كانت تتهيأ وتنتظر موسم الأعياد، مكفهرة مظلمة، حتى في ساعات النهار، مع الإنقطاع الدائم للكهرباء، وكأنها شاخت قبل أوانها..
أغلب محلاتها أقفلت، وما بقي منها، تصارع للبقاء من “حلاوة الروح”، لا تجديد في الواجهات ولا “الديكورات”، ولا حتى البضائع.. لا حركة ولا بركة، لا زبائن، ولا من يشترون.. الباعة يقفون متحسرين على أبواب محلاتهم المعتمة، وكأنهم ينتظرون زبوناً من سراب لن يأتي!!!
****
أخجل منك يا ولدي..
لأنني لن أتمكن أن أشتري لك ثياب العيد، ولا حتى حذاء العيد، كي تتمكن أن تتبهاهى مع أصحابك من منكم ثيابه أجمل من الآخر!!!
ولن أصطحبك كما جرت العادة إلى محلات بيع الحلوى، لتختار بنفسك ضيافة العيد، حتى ينالك منها القسط الأكبر، وما يبقى منها، كنت تحرص بنفسك بكل شغف وسرور أن تقدها لكل من كان يزورنا للمعايدة، لأنها صارت من المحرمات.. فربما، لا بل الأرجح هذا العيد أن لا “يضق بابنا” أحد للمعايدة، فكل واحد من الأقرباء والأصدقاء “همو على قضو”!!!
أخجل منك يا ولدي..
لأنني وبغصة تعصر قلبي حزناً وألماً، غير قادر على أن أعطيك “العيدية” كما جرت العادة كل عيد.. ففواتير إشتراك الكهرباء، و”سيتيرن” المياه، وأجار البيت المتراكم، وأدوية الضغط والأعصاب، وأدنى الحد الأدنى من المواد الإستهلاكية إستنزفت راتبي الفاقد لقيمته الشرائية، رغم ما زلنا في بداية الشهر!!!
أخجل منك يا ولدي..
لأنك لن تلهو في العيد مع “ولاد الحي”، لن تستأجر دراجة هوائية، لن تذهب مع أصحابك إلى مطعم الوجبات السريعة لتلتهموا “البرغر”، ولن تحضروا بعدها فيلماً سينمائياً، ولن تزعج الجيران بالمفرقعات والأسهم النارية، لن، ولن، ولن…
****
عذراً منك يا ولدي..
أنت العيد يا صغيري في حياتنا، الذي نعيشه كل يوم، كل دقيفة، ومع كل نفس ونبضة قلب.. نقف عاجزين قاصرين، غير متمكنين من أن نجعلك تعيش العيد، بعدما سلبوا وأفسدوا كل شيء، حتى طفولتكم وبراءتكم و”ولدنتكم” ومستبلكم!!!

شاهد أيضاً

كلماتٌ في وداع إسماعيل هنية “أبو العبد” “3”

وصية الشهيد لإخوانه ولسان حاله من عليائه د. مصطفى يوسف اللداوي الدوحة – قطر ارتقى …